السؤال: شيخنا الفاضل! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من المعروف أن الانسان تتغير اجتهاداته وأقواله؛ بل وأساليبه في الحكم على الأشخاص حسب الظروف والأحوال, ولعل في فقه المصلحة والمفسدة دليل على ذلك؛ لكن أن يهدم الإنسان ماضيه, وما كان في الماضي محظوراً يصبح مباحاً, وما كان يحذر منه أصبح اليوم وسيلة دعوية تدعو الحاجة إليها؛ بل أصبح منهج الرخاء هو المنهج الوسط الذي تقضيه الحال زعموا؛ فهذا أمر لم نعلم له شاهد من سير العلماء على مر التاريخ, آمل تلطفكم بالتعليق على ذلك مع تقديم حسن الظن بأخيكم.
الجواب: أولاً: شكر الله لك، ثم يا أخي الكريم! بالنسبة لحسن الظن فهذا واجب في الجميع, وأعوذ بالله أن نسيء الظن بأي مسلم؛ لكن أيضاً اسمح لي أن أقول: أرجو ألا يكون الأمر بهذه الحدة من السوء.
ثانياً: هناك قواعد أذكرها على عجل في هذه القضية لضيق الوقت: أنه لا بد من التفريق بين الثبات على الحق, وبين الجمود على مواقف تقليدية أو اجتهادية رآها الإنسان في مرحلة ما؛ فالثبات إنما يكون على الحق, والحق كما أوضحت -وأعيد- هو ما كان في الكتاب والسنة، كالثوابت القطعيات الكليات التي لا يجوز لأي مسلم أن يحيد عنها في أي مرحلة وفي أي موقف، يعني: حاله في هذه القضايا بين أمرين: إما أن يقول الحق كله، وإما أن يقوله بعضه؛ لكن لا يجوز بحال من الأحوال أن يقول الباطل أو يتراجع عن الحق والعياذ بالله.
والأمر الآخر ولو أنه لا بد من التفريق بين من يقع في الفتنة بين من ينتكس بين من -عياذاً بالله- يؤثر الدنيا على الآخرة, بين من يخلد إلى الأرض عافنا الله وإياكم، وبين من يراجع بعض الأمور وقد يخطأ في مراجعته ويكون موقفه الأول أفضل من الآخر؛ لكن يظل له جوانب أخرى لا ينبغي أن تغمط ولا أن تهضم في هذا الشأن.